Pages

Tuesday, June 24, 2008

يوم الاجازة

فتحت الشرفة وتطلعت للسماء
"الحمدلله الجو ليس شديد الحرارة اليوم"
فاليوم عطلتها وتتمنى ان تقضيه خارج المكاتب المغلقة و الشقق المكدسة بالأثاث
اخذت كتاب تحاول ان تنهيه منذ شهور و لاتجد الوقت ووضعته فى الحقيبة مع المحمول، نظارة الشمس ومفاتيح السيارة
نزلت من المنزل وبدأت تنظر للشارع كأنها لم تراه منذ فترة برغم انها تذهب لعملها يوميا وتخرج فى المساء ايضا، الا ان الشمس التى تملأ المكان فى وسط النهار كانت قد نستها تماما
ففى مثل هذا الوقت من اليوم تكون خلف مكتبها تحدق فى شاشة الحاسب
لا ترى الشمس ... ولا تشعر بالنسيم
اضاءة نيون وتكييف بارد دائما
هذا هو مخبأها - تعتقد دائما ان مكتبها هو مخبأ لمصاصى الدماء - فهم فقط من لا يحبون الشمس او الهواء ويفضلون الاضاءة النيون والتكييف البارد دائما
...
ركبت السيارة وفتحت الزجاج حتى تشعر بالهواء الساخن وهو يلفح وجهها ووضعت شريط موسيقى فى كاسيت السيارة
ذوقها فى الموسيقى لا يعجب احدا
تفضل الموسيقى الغربية الكلاسيكية حتى وان كانت لا تفهمها
"اشعر ان هناك مثقاب فى اذنى عندما اسمع ما تسمعون"
دائما ما تعبر عن آرائها بطريقة سخيفة تزعج صديقاتها
...
وصلت للنادى واختارت مكانا بجانب المسبح
مدت قدميها واخرجت كتابها وبدأت تقرأ
مرت نصف ساعة فى هدوء وكانت سعيدة جدا
حدثت نفسها بالنعم الكثيرة التى تستمتع بها "هواء نقى، منظر لطيف، هدوء .. اخيرا ساقضى يوم عطلة لطيف"
كل الطاولات حولها كانت خالية ما عدا اثنين
كانت هناك فتاة تجلس وحدها ويبدوا انها تنتظر احدى صديقاتها
كانت الفتاة تتمدد تحت الشمس بالمايوة بعد ان غطت جسمها بكريمات ضد الشمس
وعلى طاولة اخرى جلست صديقتين منشغلتين فى حديث صاخب
بعد ساعة أشارت للنادلة "كوب نسكافية لو سمحتِ"
مرت بجانب النادلة سيدة عجوز يبدو من ملامحها انها أجنبية وجلست على طاولة قريبة منها
يبدو ان الجميع يعرفها ويحيوها
بدأت تشرب النسكافية ببطء وهى تنظر فى ما حولها كله بما فيها السيدة العجوز

شعرت ان السيدة العجوز ترقبها ايضاً فهزت رأسها تحييها وردت السيدة التحية
شعرت بالحرج فلابد ان السيدة ظنتها تحدق فيها
حاولت ان تنشغل بالحركة حولها
"لا افهم أبدا لماذا يرتدى الناس المايوة ليستلقوا فى الشمس ولا يسبحوا "
اثارها منظر الفتاة المتمددة فى الشمس
"من المفترض ان الممتع هو السباحة وليس الاستلقاء فى الشمس، ما الذى يجعل الناس تتمدد فى الشمس لتحترق"
...
قامت السيدة العجوز من مكانها وأتت اليها
السيدة "صباح الخير"
الفتاة "صباح النور"
السيدة " كيف الأحوال؟"
الفتاة "نعم؟ "
السيدة " كيف الأحوال؟"
الفتاة "الحمدلله"
السيدة "أتأتى هنا كثيرا؟"
الفتاة " كلا. يوم العطلة فقط"
السيدة "اهه. لهذا لم ارك من قبل. انا آتى كثيرا"
همت الفتاة ان تقول طبعا واضح فهم يرحبون بك ولكن تراجعت حتى لاتظن السيدة انها كانت تراقبها
الفتاة "يبدو من لهجة حضرتك انك اوروبية"
السيدة "نعم فانا انجليزية ولكنى اعيش هنا منذ سنين"
لحظة صمت ... حاولت الفتاة ان تفتح اى موضوع ولكن سوء ادائها الاجتماعى دائما جعلها مترددة
السيدة "انا ام فريال وأنتِ؟"
الفتاة "نعم ؟؟؟"
السيدة "أم فريال"
الفتاة "آسفة لم أسمع الاسم جيدا"
السيدة "ام فريال .. "
هذه نكتة حتما سيدة انجليزية بيضاء تتكلم العربية بلكنة واضحة تعرف نفسها بأم فريال!! هل كانت المدة التى عاشتها فى مصر طويلة لهذا الحد؟ تعلمت تعريف نفسها بأسماء أبنائها
يبدو انها عاشت مع صعايدة
فلم تقول اسمها او لم تنسب نفسها لزوجها كأن تقول مدام فلان
بدت لحظة طويلة وهى تفكر فى كل ذلك بينما السيدة تنتظر منها الاجابة المنطقية لجملتها
بأن تعرف نفسها ايضا
أفاقت من حوارها الداخلى وأكملت حديثها مع السيدة العجوز واستمر الحديث ربع ساعة
وفجأة قالت السيدة "أتركك الآن لكتابك"
وقامت وذهبت للطاولة التى كانت تجلس عليها قبلا
كما أتت بدون دعوة قامت بدون انذار
لم تلتفت الفتاة لما حدث حولها أثناء حواراها مع السيدة العجوز
فقد أتت مجموعة من الفتيات فى أوائل العشرينات من عمرهن وجلسن فى الطاولة التى أمامها مباشرة
خلعن أرديتهن وجلسن أمام المسبح يستمتعون بالشمس والمايوة ايضا
أشرن للنادلة اشارة لها معنى فبدأت الموسيقى الداخلية للمكان تصدح بأعلى صوتها
قامت الفتيات يرقصن حول المسبح
جحيم: وصف ما يحدث حولها
اغانى سيئة بصوت عال ومجموعة من الفتيات يتراقصن حولها وهم يدخنون ويرددون كلمات الاغنية
حاولت ان تنشغل عنهم بكتابها
ولكن الصوت العالى واشتباكهم فى الكراسى من آن لآخر منعها من ان تفهم حرفا مما تقرأ
ما الحل اذن؟ هؤلاء الفتيات لديهم الأسبوع كله ليلهون كما يريدن ولكن انا لا املك الا اليوم لاسترخى قليلا
هل لو حاولت ان افهمهن هذا سيتفهمن؟
وضحكت على نفسها وتفكيرها الساذج
بعد عشر دقائق اعلنت الاستسلام ووضعت كتابها فى الحقيبة مرة اخرى وذهبت
كانت تغلى وهى تفكر بانها لم تهنأ سوى بساعة واحدة فقط ومازال اليوم فى اوله وهى مضطرة للعودة للمنزل مرة أخرى
بئس الاجازة