Pages

Thursday, July 8, 2010

100 زهرة لا تذبل

بعد ان ينام كل من بالبيت، تظل هى مستيقظة. الحقيقة انها لا تنام ابدا رغم ما يعتقده الجميع. تغلق عينيها لانها احد عضوين تستطيع التحكم فيهما. وهذا ما تستطيع فعله لتنسحب.
فمها وعينيها فقط ما يتحركان فى كل هذا الجسم الممدد.
هناك سجناء الزنازين وهناك هى سجينة الجسد. جسدها اضيق واصعب زنزانة. لا يمكنها الخروج او الدخول او حتى التمشية فى تلك الزنزانة.
الأسر بدء عندما صدمتها سيارة يقودها طائش يلعب الاتارى بسيارته الفارهة. هرب وتركها محبوسة فى تلك الزنزانة .
السجين يمد يده ليأكل، ليغطى نفسه، ليرفع عن نفسه الغطاء، ليغسل وجهه. السجين لا يحتاج مساعدة فى الحمام. اما هى فمحرومة من تلك الحريات البسيطة. تلك الحريات التى لا نراها ولا نشعر بها.
هناك آخرون ينتهكونها بدعوى الحب يوميا. يضعوا الطعام فى فمها حتى وان لم تستسيغه، يخلعوا عنها ملابسها ويغطوها بملابس اخرى، يغسلونها ويساعدونها فى الفعل البسيط الطبيعى الذى نقوم به يوميا عدة مرات. لا تشعر بجسمها فلا تستطيع الحكم على من يلمسها بحب ومن يتحرش بأعضائها. ولكنها بعينيها ترى عين الآخر وبأذنها تسمع همساته.
تعبر عن رفضها وغضبها بالصراخ والسباب ولكن لم يعد احد يكترث. بعد فترة لم يعد احد يكلمها او يسمعها. اصبح المحيطون بها يتعاملون معها كدمية. تُرفع وتُوضع وتُنقل دون حتى استئذانها.
سجنها يضيق أكثر وأكثر ومع الوقت انسحبوا هم ايضا عن عالمها الواعى. تسمعهم يجلسون فى الحجرات الأخرى يتكلمون عنها بإشفاق ولكن لا يأتى احدهم ليتكلم معها بضع دقائق كل يوم.
بعض العجائز من الاقارب كانوا يعذبوها بحكايات المعجزات أو التقدم العلمى المذهل بدعوى الأمل. من يبيع الوهم ليائس .. مجرم. أذناها مغلقتان ولكن عيناها كانت تتفحصهم وتضعهم فى مكان اخر فى سجن ببدلة الاعدام. وعقلها الذى لا يهدأ كان يرسم الحلم الجديد، حلم تكون فيه عشماوى.
كان الخلاص من سجنها له طريق واحد فقط .. الموت. لم تفكر فى هذا الخيار لانها ببساطة لا تقوى على تنفيذه. كل أعضائها تركوها وماتوا قبلها. كل أعضائها دُفنوا فى الماضى وبقيت هى سجينة للحاضر.
منعوا عنها الأطفال حتى لا يزعجوها والأصدقاء حتى لا يشفقوا عليها. منعوا عنها الجيران حتى لا يتسلوا بمآساتها والزملاء حتى لا يشمتوا بها. منعوا عنها الجميع حتى لا يجرحوها.
نقلوها من أمام النافذة كى لا تحرقها الشمس. أغلقوا النافذة كى لا تضايقها الضوضاء. وضعوها فى اخر غرفة بالمنزل كى تستطيع النوم الهادىء.
أى جرائم نصنعها بإسم الحب !!!!!!!!!!!
اليوم طويل وممل. سجن الجسد نقلها لسجون اخرى منها سجن الزمن. فكيف تخرج خارج اليوم. خارج الوقت الذى لا تريده الذى لا ينتهى.
لم تعلم ان الزمن هو الساحر الذى سيحولها لزهرة لا تذبل.
قررت لنفسها وسيلة للهروب لا يمكنهم منعها عنها. قررت ان تحلم. فحتى السجين يمكنه ان يحلم. حتى السجين من حقه ان يحلم.
اول حلم كانت طائر، لم تتوقف كثيرا فى تفاصيل نوعه وشكله وحجمه. المهم انه طائر. طائر فى غابة كبيرة. ينتقل من غصن لغصن ومن شجرة لاخرى. وعندما يسئم الشجر يرتفع للسحاب. يجاور النجوم ويغرق فى اشعة الشمس كل يوم.
ثانى حلم كانت نملة، بعد ان قضت اياما تراقب سرب نمل يتحرك من الشباك الى اسفل الدولاب. كنملة كانت تعمل وتتحرك ببطء ولكنها كانت محاطة بالنمل الآخرين. كانت فرد فى مجموعة لم تكن وحيدة.
أحلامها التالية رأت نفسها فيهم ملكة. تأمر وتنهى. ملكة لها مملكة كبيرة يحوطها الجنود دائما. يرفعونها على أكتافهم. لها عبيد وجوارى يخدمونها ولكنهم لا يلمسوها.
كانت ملكة قوية ولكن طيبة. فى كل أحلامها كان الملك يعشقها.
تخشب جسدها ونشف. امتد للأسفل واخترق أرضية المنزل وتشعب كجذور ممتدة. ومع كل حلم جديد كانت تنمو زهرة جديدة على الأرضية.
بعد عشرين ربيعا فتحوا الباب لم يجدوها ولكن كانت هناك 100 زهرة لا تذبل تملأ الغرفة.

Monday, June 14, 2010

محاولة حب

كل أغانيك تطربنى. كلامك كشعر ينساب فى أذنى كنسمة. يسافر لعقلى وهو يخدر كل حواسى.
كل ما فيك يدعو للحياة. وأنا أقاوم حتى لا أغرق.
هل سترانى عندما تصل للشاطىء الأخر؟ ستظل ممسكا بيدى؟ ام ستفلت يدى عند أول موجة حزن
أحب حياتك أحب كلامك وأعشق عينيك
أرى صورتى كشخص لطيف بثغر باسم
اشك فى صورتى وارتعب منها
كيف ترانى أفضل من نفسى؟
بعينيك اشعة تخترقنى. تنفذ لداخل قلبى وتقرأ كل رعشة به قبل ان تصل لأناملى
هل أنت حقيقة أم حلم؟
ستبحر غدا؟ ولكن مركبتك تتسع لقلبى ايضا
هل ستحمله معك؟
مركبتى صغيرة وثقوبها كبيرة
سأتركها سأهجرها بل سأحرقها لأكون معك
سأقف أشاهد اللهب يعلو وأنت تحتضن يدى
لن أجزع عندما أرى جزء منى يحترق يشتعل فستكون أنت معى تحفظ الباقى
كلما مر اسمك على لسانى شعرت بنشوة
اسمك يستدعى الحياة بداخلى
أرى زهور تتفتح فى لحظة وعصافير تتعلم الطيران لأول مرة
فقط عندما يمر اسمك على لسانى
قلبى ينمو من جديد. كان ينقصه بعض الحديد للدعامات
نعم أضحك الآن
فقلبى امتلأ بوهج لا يلسع
هل تعلم اننى لا اعرف ماذا أصابنى؟
لا استطيع توصيفه ولكنى أحب نفسى الآن
معك أرانى شخص لطيف بثغر باسم
هل ستبحر غدا؟ هل سنبحر غدا؟
لا أجد لنفسى مكانا بعد ان أحرقت مركبتى
بداخلك مكانى ومسكنى
لست عملاقا أعلم ولكنى أرفع رأسى لأرى نهاية حلمك
أبحث عن اسمى ولا أجده
حلمك أكبر منى
وأنا أخشى الغرق
ستظل ممسكا بيدى أليس كذلك؟
أستطيع العوم ولكن أمواج بحرك أعلى من يدى
كلما تذكرت نفسى قبلك بكيت
وكلما تخيلت نفسى بدونك أبكى
لا يوجد فى قلبى اسما غيرك
تعلم هذا طبعا؟
كان فى مركبتى صورة لك ولكنى أحرقتها
فضلت يدك على ورقة ملونة
ستظل ممسكا بيدى اليس كذلك؟

Thursday, May 27, 2010

الفستان الأحمر

فجأة تأتى وتستعمل كتفى أو بطنى كوسادة. تبدأ فى الكلام. لا تنتظر منى اجابة. تحكى لى كل ما يحدث فى فلكها الصغير. وبدون مقدمات تقوم عندما تفرغ ما فى جعبتها من قصص.
كل مرة أحاول ان اجعل من يدى طوق ليمنعها من الطيران وتظل لفترة أطول ولكنى أتراجع. أخاف ان تجزع من قبضتى فلا ترجع.
مع الأيام ثقل رأسها وطالت أحاديثها. وكالعادة عندما تنتهى ترجع لغرفتها وتغرق فى عالمها.
اليوم أتت الىّ ولكنها جلست بعيدا. على الطرف الأخر للكنبة ولا تنظر لى مباشرةً
- ماما كنت عايزة أكلمك فى موضوع
صوتها مختلف .. منخفض .. متردد. كانت ترتدى تلك البلوزة التى أكرهها. أصبحت تشترى ملابسها بدونى. تخرج مع صديقاتها وتعود بأكياس متنوعة وهى سعيدة وأنا أفزع من الألوان والموديلات التى أصبحت تفضلها.
- فاكرة أنا كنت حكيتلك عن واحد معانا فى الكلية أكبر منى بسنتين. فاكرة قلتلك انه كان عاجبنى قوى.
فى الحضانة كان لها اصدقاء كثيرون. أول يوم ذهبت للحضانة كانت تبكى. ظلت تبكى عدة أيام كلما ذهبت للحضانة. كانت تمسك بيدى ولا تفلتها أبدا مهما حاولت. كنت أعدها بحلويات او فسح وأحيانا كنت اعنفها الا انها ظلت ممسكة بيدى ولم تتركها الا بعد ان عرفتها على فتاتين معها فى الفصل. تركت يدى وذهبت لتلعب معهن.
كانت متعتى كل يوم ان اصلها للمدرسة وارى كيف تستقبلها صديقاتها. وأشعر بالفخر ان ابنتى نجمة وسط قريناتها.
- احنا بقالنا مدة بنتكلم مع بعض و ... كلام عادى يعنى و... وكنت حاسة انه مختلف عن كل الولاد التانيين
فى عيد ميلادها العاشر اشتريت لها فستانا أحمرا كان جميلا. ظلت ترتديه لمدة يومين ورفضت ان تخلعه. عندما صغر عليها حزنت وطلبت فستانا غيره أكبر. كل سنة فى عيد ميلادها اشترى لها فستانا جديدا حتى اصبحت ترفض ارتداء الفساتين وتفضل البلوزات والبنطلونات. ولكنى لم أنسى شكلها ابدا فى ذلك الفستان. كانت جميلة. وكانت ضفائرها الى منتصف ظهرها. بشرائط حمراء.
- هو حكالى كل حاجة عن نفسه .... وانا كمان ... يعنى استريحنا لبعض قوى
تشبهنى لحد كبير وترفض الاعتراف بذلك. نسخة أجمل وأحدث منى. نسخة صغيرة أذكى. تضع ساقها اليمنى تحتها عندما تجلس على الكنبة مثلى. تبلل البسكوتة فى الشاى قبل ان تأكلها مثلى. حتى شكل أصابعها متطابق مع أصابعى. ومع ذلك تستنكر أى شبه. وكأنها ابنة لإمرأة أخرى.
- النهاردة يا ماما فاتحنى بصراحة وقال لى انه بيحبنى وعايز يتجوزنى. هو طبعا مش حيقدر يعمل اى حاجة غير بعد 3 شهور بعد التخرج يعنى
عندما تتكلم لا اسمع غيرها ولا أرى غيرها
- هو عايز ييجى يتكلم مع بابا وكده ... على فكرة ظروفه المادية كويسة وحنقدر نبتدى حياتنا علطول
أتعجب عندما تجلس بجوارى لتملأ النصف الأخر من الكنبة كيف كبرت ومتى. أتذكرها رضيعة أحملها بين يدى. كلما رضعتها كانت تبتسم بعد ان تشبع وكأنها تشكرنى. تلك الابتسامة كانت تأسرنى. ويطير عقلى معها
- حتقولى لبابا امتى؟
يدللها أبيها ولا يرفض لها طلبا. يهمس لى كل فترة "تفتكرى حنعمل ايه لما تتجوز وتسيبنا؟"
- هه يا ماما .. حتقولى لبابا امتى؟
- أقوله على ايه؟
- على العريس
- عريس !!!! عريس ايه؟؟؟؟؟؟؟؟

Monday, May 3, 2010

كراكيب

الساعة الثالثة فجرا استيقظت أمل من نومها، الظلام حولها ولا ترى اى شعاع نور ولا تسمع اى صوت ومع ذلك لا تستطيع النوم.
- غدا يوم عمل لابد ان انام ... يارب
كان عادل غارقا فى نومه.
- يا بختك .. اعجب من قدرتك على النوم بسرعة
وضعت رأسها على الوسادة واغلقت عينيها وحاولت ان تنام. لكن صوت المنبه وصوت نفس عادل اصبحا فجأة كآلات حفر ضخمة تملأ هدوء الليل ضجيجا. لفت جسدها لتواجه جسده ولكنها لم ترى وجهه بل ظهره. عجبت كيف اصبح ظهره مقوسا هكذا. وضعت كفها على ظهره واغلقت عينيها ربما تنام. ولكنها لم تنم.
الوقت يمر وتزداد اضطرابا. بدأت تنظر حولها فى الغرفة فرغم الظلام الا ان عينيها الفته وكانت ترى الغرفة جيدا.
- ما تلك الاكياس التى فوق الدولاب؟ اه لقد نسيت انها الاوعية القديمة
مسحت الغرفة بعينيها وفى كل ركن وجدت انها اضافت جزءا جديدا لم يكن موجودا قبلا، اكياس فوق الدولاب وعلب تحت السرير. كرسى من السفرة بجوار الدولاب. شعرت بضيق وقرف فتلك الغرفة لم تكن هكذا عندما تزوجت منذ ربع قرن.
الغد كان عيد جوازهما ولكن كالعادة لم يعودا يحتفلا بتلك المناسبة.
بدأ عادل فى الحركة ولف بجسده واصبح يواجهها ولكنه كان مستغرقا فى نوم عميق. نظرت اليه واستغربت: من هذا الرجل الذى يرقد بجوارى؟
عندما رأته لأول مرة كان فى الجامعة عندما عرفها عليه اخوها الاكبر وزميله. لم يلفت انتباهها ولكنه انبهر بها فبدأ يتردد على القسم التى تدرس فيه يوميا. مع الوقت كانت تكتشفه اكثر فاكثر وتعجب به دون ان تصرح. وبعد ان ظهرت النتيجة ذهب اليها وقال لها بدون اى مقدمات: تتجوزينى. وأومأت موافقة فى لحظتها لم تتردد او تفكر. كان قرارها جاهزا فى اعماقها منتظرا فرصة لاعلانه.
الآن اختلف شكله كثيرا. بدا كرشه وهو نائم وكأنه شوال يضعه بينهما تراه يصعد ويهبط مع نفسه. حتى شعره بدأ يتساقط .
لفت بجسدها للجهة الأخرى واصبح ظهرها يواجه وجهه. مازالت لا تستطيع النوم. مدت يدها لترى الموبايل لتعرف الوقت ولكن يدها لمست شىء اخر .. الساعة .. اخذتها وتحسستها.
تلك الساعة التى اشتراها لها عادل يوم ان قبض اول مرتب. تهرأ اُستيكها كثيرا واستبدلته عدة مرات على مدار السنين ولكنها ابدا لم تستطع الاستغناء عن تلك الساعة. لم تعد تليق بها الآن بشكلها المهترىء ولكنها دائما موجودة على الكومدينو بجوارها.
ابتسمت لذكرى الساعة ولثمتها ووضعتها على الكومدينو مرة اخرى. وامسكت بالموبايل.
- ياااااااااااااه الرابعة. سأصاب بالصداع طوال الغد ان لم انم الآن
اعادت الموبايل وفى تلك اللحظة مرت سيارة بالشارع. نور مصابيحها مر من الشيش كخيوط بيضاء تتخلل العتمة تجرى على السقف وتنزل على الحائط . اعتدلت على السرير ومرت الخيوط البيضاء على وجهها وعلى الصورة بجوارها.
فى وسط ظلام الليل كانت الخيوط البيضاء تنير صورة تامر ومريم. عاد الظلام يفرض سيطرته مرة اخرى. امسكت الصورة ونظرت فيها ولكنها لم ترى شيئا. بقلبها كانت تذكرهما يولدان .. يحبيان .. يكبران .. ظهور السنة الاولى لكليهما .. يتضحاكان .. اول يوم فى الحضانة .. يتصارعان على الحلوى .. ينتقلا من مرحلة لمرحلة .. نتيجة الثانوية العامة .. اول يوم فى الكلية.
احتضنت الصورة ودارت لتواجه عادل. كانت هناك دمعة فى عينيها. لم تكن حزينة او تعيسة. الذكريات هزت بداخلها ذلك الركن المظلم من وجدانها. عندما توقفت عن الاستمتاع بالحياة. وحزمت كل ذكرياتها السعيدة فى حقائب سفر وخزنتها خلف القلب حيث لا حركة ولا شعور. مررت اصابعها فى شعره وهو نائم. وبدا لها يبتسم. تذكرت لحظاتهما معا. كم كانت سعيدة. ليلة زفافهما .. اول عيد زواج عندما فاجأها برحلة الى الاسكندرية .. يوم علمت انها حامل لأول مرة وكان عادل يرقص كالأطفال منتشيا..
لا تذكر لعادل ان كان يوما قاسيا اوبخيلا معها لكن مع الوقت بدأت تلك الشعلة التى كانت تتوهج داخلها تنطفىء. لم تحاول ان تعرف السبب واقتنعت بالتفسير التقليدى ان الزواج اساسه العشرة وليس الحب. الآن توقفا عن الكلام. كل شىء فى حياتهما اصبح مبرمج منذ سنوات. ميعاد الاستيقاظ .. الطعام .. شراء لوازم البيت .. زيارات الاقارب فى الاعياد. وكأن الحياة سقطت فى دوامة تتكرر كل يوم بلا جديد.
أصبحت الخامسة واستحال النوم تماما.
بدأ بعض النور ينتصر على ظلمة الليل، اعادت الصورة مكانها واستلقت على ظهرها وظلت تحارب ذلك الأرق الذى يحاصرها بالذكريات ولم تفلح. وأخيرا غمر ضوء الشمس الغرفة.
فى نور النهار بدت الغرفة اقبح. اغلب اثاث الغرفة اختفى خلف الزوائد الدودية التى اضيفت على مر السنين: ملابس اكياس صور علب. بدت لها الغرفة وكأنها وحش ينتهك كل مواطن الجمال فيها. لم يخيفها بقدر ما أصابها بالاشمئزاز.
- كراكيب
صرخ عقلها بهذا الوصف. امتلأت حياتها بالكراكيب وتسللت لعواطفها وانتهى الأمر بتغطية كل ما هو رائع وممتع وبراق بالتراب. بتراب الكراكيب. مدت يدها لرقبتها تتحسسها هل هناك من يخنقها بالفعل ام هى تخاريف قلة نوم. شعرت بالذنب لأنها أهملت غرفتها. لم تعد تعتنى بها كما كانت تفعل قبلا. وفجأة ملأ انفها رائحة مميزة تعرفها من على بعد. رائحة عادل. أمالت رقبتها نحوه ونظرت له طويلا واعادت السؤال: من هذا الرجل؟
كيف سمح هو ايضا للكراكيب بان تغزو غرفتهما؟ لماذا لم يمنع الكراكيب؟ هل عليها الآن ان تنظف الغرفة وحدها؟ هل سيفهمها عندما تحكى له عن الكراكيب؟
رن منبه موبايل عادل فى تمام السادسة مثل كل يوم وبحركة آلية فتح عينيه ثم تثائب. نظر اليها فوجدها مستيقظة وبدا على وجهها انها لم تنم.
- كل سنة وانتِ طيبة
- ما رأيك ان لا نذهب للعمل اليوم؟
نظر اليها طويلا دون ان ينطق محاولا ان يفهم ما لا تقوله بذلك الطلب. وقبل ان يرد وضعت رأسها على صدره واحاطت بيمينها جسده وأغلقت عينيها ونامت.
ابتسم عادل واحاطها بيمينه. امسك موبايله وارسل رسالة لزميل له: اعمل لى عارضة . ظرف طارىء.

Sunday, May 2, 2010

حيرة صديقتى

- سالت صديقتى: لماذا؟
- قالت: لأنه الحب
- سألتها: والنهاية؟
- قالت: لا أعلم
- صديقتى لا يمكنك الاستمرار فى تلك العلاقة
- قالت: أعلم
- صديقتى وراءك ماضيك زوج وطفل
- قالت: أعلم. ولا يسعنى سوى الإستمرار
- قلت: هل بسبب الغضب ... الهجر
- قالت: لا بسبب الحب
- قلت: ولكن ...
- قالت: كفى. فالكل يعلم خدعتى عن زوج محب وبيت سعيد ولم يعلم أحد بنكبتى بقصتى
- أى نكبة صديقتى؟
- نكبة زوجى وبيتى: زوج بعيد يعشق التجديد، فى كل مرة يزداد ابتعادا وازداد أنا نفورا. بيتى هو سجنى اشترانى فيه زوجى ومللت السجن.
- أستهربين صديقتى؟
- كلا سابقى فى السجن مقيدة ـقصد بالبيت متزوجة. لن أهرب لى طفل هناك أحبه.
- والآخر صديقتى؟
- سيبعد عنى قريبا. أعلم القدر. ايام مضيئة فى عتمة الزمن. سابعد أنا ايضا الى اين لا أدرى؟
- لماذا صديقتى؟
- لأنى هنا متزوجة أم منجبة لى طفل لى سجن لا استطيع الفكاك منه. سيسجنى الناس فى سجن الحرام اذا ...
- لكن صديقتى كيف تكونين مع رجل بقلب لآخر؟
- لأنه ليس معى زوجى بجانبى ولكن بيس معى. معى ذكريات الآخر الذى ...
- ماذا صديقتى؟
- الذى رفعنى فوق نفسه ولم يبعد عنى ولو للحظة احاطنى وضمنى وأخبرنى بما فى قلبه وقبل ان أخبره تركنى
- تركك صديقتى!؟
- نعم فهو نبيل لم يرد انفصالى عن سجنى أقصد زوجى. أخبرنى بما فى قلبه وهذا حقه وحقى وتركنى لأنه يعلم استحالة الإستمرار.
- لماذا لم تهربى معه صديقتى؟
- قلت لكِ سيسجننى الناس فى سجن الحرام ولأن لى طفل هناك أحبه
- ولكن صديقتى هذا عذاب!
- وأى عذاب لوتدرين. من أحبنى تركنى لمن لا يحبنى ومن لا يحبنى لا يهتم. لو لى حرية الاختيار ...
- كل منا حر صديقتى؟
- كلا فالسجين حر ان ينام فى اى ركن من الزنزانة هذه حريتى. لو كانت لى حريتى لكنت تركته وأخذت ابنى وهجرته.
- إلى أين صديقتى؟
- لا أعلم
- سألت صديقتى: لماذا؟
- قالت: لأنه الحب
- سألتها: والنهاية؟
- قالت: لا أعلم
- صديقتى لا يمكنك الإستمرار فى تلك العلاقة
- قالت: أعلم
- صديقتى وراءك ماضيك زوج وطفل
- قالت: اعلم .. ولا يسعنى سوى الإستمرار


13/11/97

الموت قريب

عندما زادت الآلام المعتادة الى الحد الذى صرخت فيه من الألم كان لابد للذهب للطبيب. الطبيب لم يخبرها بالكثير، فقط طلب الراحة وطمأنها: مجرد إرهاق الراحة مطلوبة.
ولكن لم تجدِ الراحة تفعا ظلت الآلام تراودها وتزداد أكثر فأكثر. فقال الطبيب: التحاليل ستظهر كل شىء.
وبالفعل اظهرت التحاليل سبب وموعد الموت المقترب.
المفاجاة أكبر من أن تتحملها وحدها ولكن لابد من ذلك فالجميع فى حالة كآبة من مشاكل الدنيا. لا أحد يريد أن يسمع أو يعرف لا أحد يسال عن آلامها.
الموت قريب قريب انتظريه فى أى لحظة. تلك كلمات الطبيب القاسية. تلك الفتاة الشابة التى بدأت للتو فى النظر للحياة من خارج أسوار المدرسة. بدأت ترتب أحلامها وتضع فارس الأحلام فى أول خانة فى قائمة الأحلام.
لكن للأسف فكل هذا سيُلغى. الوقت قليل على ان يُبعثر على أحلام لن تتحقق.
وضعت قائمة أخرى وهى قائمة أفعال اللحظات الأخيرة. جلست مسترخية على السرير تتذكر كل شخص قابلته فى حياتها: هل هناك خلاف أو شىء مازال معلق بينهما أم لا؟
جاءتها فرصة ان تتصالح مع الجميع ونفسها أولا. ندمت على كل لحظة مرت عليها وهى تكره او تغضب. شعرت بقيمة تلك اللحظات المُهدرة.
وأخيرا وجدت شوقا شديدا لرؤية صديقتها القديمة التى لم تعد تراها كثيرا الآن. كان لديها شوقا لتجلس معها فى آخر جلسة صداقة بين فتاتين مجردتين من كل احباطات الحياة ومشاكلها وأعبائها. حدثتها فى التليفون لأول مرة منذ فترة وطلبت منها موعد للقاء وكالعادة كان العذر الأساسى الإنشغال فى أمور الدنيا والحياة والزواج. ولكن مع إصرارها شعرت صديقتها بأن شيئا غامضا يدور لا تفهم كنهه سيحدث.
وكان اللقاء حاولت كثيرا ولكنها لم تستطع أن تخفى على صديقتها خبر الموت. فموهبة صديقتها فى قراءة أفكارها بجانب ضعفها أمامها جعلا الإنهيار والبوح بكل شىء هو النتيجة الحتمية.
سمعت صديقتها منها كل التفاصيل وسكتت. لفترة لم تنطق وهى فى حالة ذهول وأخيرا بكت. نزلت دمعة من عينيها. فهذا ما تساويه مجرد دمعة. بدأت الدموع تنساب من عينيها هى ايضا فلقد بدات تواجه نفسها بحقيقة مستقبلها المنتهى قبل ان يبدأ. حقيقة الموت القريب.
تركت صديقتها وذهبت لتمشى وحدها تفكر فى الخطوة التالية، لم تجد شيئا تفعله. فكل ما كان من اهتماماتها اصبح بلا معنى أو هدف لا جدوى منه الآن فأى من هذا لن ينتقل معها لبعد الموت. وهكذا أهملت اشياءً كثيرة لم تكن تتصور الاستغناء عنها. حتى الناس ابتعدت عنهم جميعا وان ظلت معهم.
كل انسان عزيز على قلبها أخذته فى خلوة وداع دون أن تخبره بشىء. وشعر الجميع بشىء غامض فى افعالها.
كل الصديقات والأصدقاء والأقارب لم يفهموا سر طلبها الملح للقائهم بالتتابع وسر سؤالها المستمر: هل فعلت شيئا يغضبك؟
لماذا كل هذه اللقاءات وكأنها ستهاجر بلا رجعة أو تموت. هذا كلامهم وهم يضحكون ولو يدرون لبكوا.
وبعد كل ذلك تفرغت لشىء مهم اخر لم تكن منتظمة فى أدائه: الصلاة.
بدات مع الله من جديد كأنها طفلة صغيرة تتعرف على الله لأول مرة. ولم يكن ذلك خوفا من الموت وان كان هذا سبب اتجاهها للصلاة فى البداية ولكن كان ذلك لعلمها بأن الصلاة الشىء الوحيد الذى سينتقل معها بعد الموت.
فى أحيان كثيرة كانت تجلس لتتذكر حياتها وتشعر بالندم أحيانا على ضياعها لبعض الفرص أو لموتها قبل أن تفعل أو تحقق بعض الأحلام.
ومع اقتراب الموت تلاشى كل ذلك. كل الأشياء اصبحت عدم. الا شيئا واحدا كانت تحلم به حتى الموت: الحب. كانت تحلم بالحب الذى لم تذقه ابدا. كانت تحلم بذلك الرجل الذى لو كان موجودا لشاركها كل هذا الألم.
ولكن فى لحظة عطف على هذا الرجل المجهول حمدت الله انه لو يوجد بعد والا كانت ستتركه حطاما تدفعه الدنيا فى بحر الحياة. فالحب الذى فى مخيلتها لن يسمح بأى شعرة من هذا الرجل تتحرر منه فحبها صعب الفكاك منه لأنه قوى جدا.
ومرت أيام وأسابيع وشهور قليلة وجاء المنتظر. جاء الموت وشعرت بقرب قدومه وعندها أخبرت الجميع وتركتهم ينوحون عليها وهى لا تزال تشعر بنبض قلبها.
واقترب أكثر فأكثر وأخيرا رأته أمامها. رأت الموت شابا يقترب يأخذها من يدها لتذهب معه.
وذهبت دون رجعة
واختفت كل الأحلام والخطط
وتلاشى كل صوت للنواح كان يحاوطها
وابتعد كل شىء ملموس
وسبحت فى الفضاء خلف هذا الشاب
بلا نهاية


4/11/2000

Sunday, April 18, 2010

فى عيونى

دائما تحملنى معها .. فى المناسبات وحتى فى الكلية. انا مهمة لها جدا ولكنها لا تعترف بذلك. تتحدث الى كثيرا، ما يدور بيننا سر، لا افصح به لأحد. لهذا تأتمنى انا فقط على اسرارها.
لا تسمح لغيرى برؤية عيوبها بهذا القرب، انا فقط من يراها وهى بلا رتوش بلا ماكياج. انا فقط من يرى شكلها الحقيقى. واظل اتأملها وهى ترحب بذلك. احيانا تشعر بالفخر واحيانا تسبنى.
افضل اوقاتها وهى ترى انعكاس وجهها على وجهى، قد نقضى وقتا طويلا على هذا الحال ولكن للأسف ما ان ترى احد اصدقائها يقترب حتى تخفينى وكأننى لم أكن منذ دقائق صديقتها الحميمة.
هى دائما فى عيونى مختلفة عن عيون الآخرين فانا من يرى عن قرب، احيانا تسمح لى بالاقتراب منها جدا وتصغر المسافة بيننا لبضعة سنتيمترات واحيانا تبعدنى عنها قليلا. عندما اقترب منها يلفحنى زفيرها هكذا انا قريبة منها.
تعتذر بابتسامة وتمرر اصبعها على وجهى لتمسح البخار.
أحيانا تجعلنى أتلصص لها على آخرين، حيث ترفعنى قليلا وتميل بى فى اتجاه من تريدنى ان اخبرها عنه. ودائما انجح فى اخبارها الكثير والكثير من الاسرار التى تحدث خلفها.
لا يعترض على علاقتنا احد سوى خطيبها الذى يغير منى ويرى انها تقضى معى وقتا اطول مما تقضى معه ولكنه مخطىء فهى دائما تتحدث معى عنه ولكنى لن ابوح ابدا بما قالت لى عنه.
أمس فى السوق لفت انتباهها اخرى لها اطار ملون، وكادت تشتريها ولكنها لم تفعل. فحقيبتها لن تسعنا نحن الاثنين اما انا او الجديدة. دائما تحمل حقائب صغيرة من حسن حظى.
منذ ان رأت الاخرى وهى تنظر لى بإشمئزاز ولا تتحدث معى طويلا كما كانت، هل يا ترى ترى دموعى؟
لماذا يا صديقتى تتركينى؟ ألم اكن معكِ دائما؟ ألم أكن صريحة معكِ دائما؟ هل خدعتك يوما؟ هل بحت بأسرارك ابدا؟ هل اخبرت احدا عن الحبوب التى بجانب حاجبك الايمن التى تحاولى دائما اخفائها؟ ألم اساعدك فى اخفائها؟ ألم اخبرك عما تفعله صديقاتك من خلفك؟ لماذا كرهتينى الآن عندما رأيتى الجديدة ذات الاطار الملون؟
أنا ايضا أكرهك الآن. وأكره وجهك وحبوبك. وأكره حقيبتك التى تدفنينى فيها وتغطينى بمناديلك المتسخة. اطارى كان جديدا لو تذكرى ولكنكِ كسرتيه عندما ادخلتينى عنوة فى حقيبتك وألقيتى فوقى بمحمولك. هذا الفاشل الذى يحتل كل الحقيبة.
أتظنى انى سعيدة بكِ؟ كلا. أريد ان اكون صديقة لوجه اخر. لا يستعطفنى حتى أكذب عليه وادعى جماله. نعم تلك هى الحقيقة فلستِ جميلة بالمرة. أنتِ قبيحة وأقبح ما فيكِ روحك التى تفيض على وجهك بتلك التكشيرة.
أنتِ ومساحيقك الرخيصة لوثتم وجهى اللامع. اصابعك تترك آثارها علىّ ولا تزول بسهولة. أتذكريننى عندما رأيتك اول مرة؟ كنت اجمل من الآن والمع. كنت اعكس ضوء الشمس على وجهك فيحرقك سخونته.
أظننتى انى سأظل بنفس البريق للأبد وهل مازالتِ أنتِ بنفس الوجه؟ كلا يا صديقتى لقد تغيرتِ انتِ ايضا. اختلف وجهك وامتلأ بما تكرهين: الهالات السوداء التى خلفتها عاداتك السيئة فى السهر، الحبوب التى أخبرتك مرارا عنها من قبل ولم تنصتى الى واكتفتى بتغطيتها بكريم اساس رخيص.
لو فقط نطقت بما أعرفه عنكِ ما حدثك أحد ابدا ولكنى للأسف لا استطيع. لذا فقد قررت ان اتركك. انا التى اقرر الرحيل. لن انتظر حتى تأتينى بأخرى تزاحمنى فى حقيبتك المكدسة اصلا. ساقفز واهرب من بصمات اصابعك .. من نفسك الذى يعمينى كلما اقتربت منكِ .. من وجهك الذى مللته.
- أووه ... يالغبائى أسقطت المرآة من يدى.
انحنت تلملم الأجزاء المنثورة فجرحت اصبعها فقالت غاضبة: آهههه .. حسنأ لقد كانت مرآة سيئة جدا .. سأشترى أخرى احلى بإطار ملون.

Wednesday, April 14, 2010

ظهر العملة

كلما فتحت اى جريدة وجدت صورته، حتى البرامج الفضائية كلها تتحدث عنه وكأن العالم كله لم يكن قبل وجوده. شىء غريب. كيف لانسان ان يكون بتلك الشهرة. ليس برئيس للجمهورية او احد الوزراء مجرد شخص يعمل فى العمل العام.
بالتحديد لا اعلم ماذا يعمل؟ ماهى مهنته؟
كل ما فى الامر انه موجود فى كل المؤتمرات والندوات واللقاءات التى تخص السياسة والبيئة وحتى جمعيات حقوق الانسان.
يبدو وكأنه احتكر جزءا كبيرا من الفضاء المحيط بنا لحسابه فحتى حوائط الشوارع عليها صورته.
يرى الجميع انه انسب لمواقع كثيرة.
كنت مثلهم جميعا مقتنعة بشخصيته. كلما رأيته على سلم العمارة خارجا او داخلا منها كانت تفوح منه رائحة عطر رجالى رائع. حتى لو فى اخر اليوم وكأن زجاجة العطر فى جيبه يرش منها كل 10 دقائق.
دائما يختار ربطة عنق من اجمل ما يمكن تتناسب بشكل غريب مع قميصه. اعجب دائما بربطات العنق التى لها اشكال جديدة. هناك دائما دبوس معلق على عروة الجاكتة يلمع يختلف من مناسبة لمناسبة.
عم سعيد البواب ينتفض واقفا ما ان يرى سيارته ندخل اول الشارع ويبدو لك كأنه يراقب مشهد جلل حيث تظهر على وجهه انفعالات مختلفة متناقضة احيانا يصارع حتى يخفيها ما بين كره لاحتقار لسعادة بالبقشيش الكبير.
يحمل عم سعيد الاكياس التى تملأ حقيبة السيارة يوميا التى عادة ما تكون طعام يكفى قبيلة ويصعد للشقة واحيانا ينزل حاملا احد الاكياس كهدية ولكنه ما ان يستقر مرة أخرى على كرسيه امام العمارة حتى يبدأ فى البصق والغمغمة وكأنه كان فى مشادة مع احد الباعة الجائلين.
حتى فتحى سائس الجراج دائما ما يقول "استرها ياللى بتستر" كلما مر من امامه.
لا نتقابل كثيرا فمواعيدى تختلف عن جدوله الحافل لكن فى المرات القليلة التى اقابله على السلم امام الاسانسير يبدو متالقا دائما بابتسامة عريضة جنتلمان يفتح لى باب الاسانسير يتحدث فى هدوء ورزانة "تحياتى للوالد".
اسبوعيا يستضيفه برنامج على احدى الفضائيات ورويدا رويدا اصبح من مقدمى البرنامج نفسه ثم مقدم لعدة برامج
واخيرا انشأ قناة سماها "قناة الوطن".
وعلى هذا فنشاطاته المختلفة لم تتوقف ما بين ندوات ولقاءات وحوارات جماهيرى
مازلت اجهل وظيفته الاساسية او عمله الذى يرتزق منه فلا يمكن ان يكون العمل العام مربحا هكذا – او هكذا تصورت- وسألت كثيرا فلم اجد اجابة تشبه الاخرى.
عم سعيد يقول رجل اعمال اما فتحى فيقول محام لكن ابى يرى انه نصاب. كلما تكلم يردد "انا فى خدمة الناس"
اخر يوم رايته يوم الخميس موعد برنامجه الاسبوعى. يبدو ان سلك الدش قد انقطع لسبب ما النازل من سطح العمارة لشقته ففتح باب شقته ونادى عم سعيد وطلب منه ان يصعد ليرى سبب المشكلة.
عم سعيد لم يستطع فى الظلام رؤية مكان القطع وعندما اخبره رد زاعقا: انت شغلتك هنا يا حيوان خدمة السكان يعنى لما اقولك تتنيل تصلح السلك تصلحه ...........
عم سعيد لسبب ما لم يحاول تعطيل الموقف اكثر من ذلك باستدعاء متخصص وانما صعد مرة اخرى ليرى سبب المشكلة وكان هو من شباك شقته ينادى عم سعيد وينعته بالاهمال والخرف. كل العمارة كانوا يسمعون ولكن لم يحاول احد فهم تفاصيل الموقف فقد بدا موقف عادى ساكن يتشاجر مع بواب.
وفى وسط ضوضاء قذائف سبابه لعم سعيد دوى صوت ارتطام ضخم.
سقط عم سعيد من على السطح جثة هامدة.
اعطى ارملته الف جنية وترك العمارة فى الفجر.
وفى الخميس الذى يليه كان فى برنامجه يقول: "انا فى خدمة الناس"