Pages

Sunday, April 18, 2010

فى عيونى

دائما تحملنى معها .. فى المناسبات وحتى فى الكلية. انا مهمة لها جدا ولكنها لا تعترف بذلك. تتحدث الى كثيرا، ما يدور بيننا سر، لا افصح به لأحد. لهذا تأتمنى انا فقط على اسرارها.
لا تسمح لغيرى برؤية عيوبها بهذا القرب، انا فقط من يراها وهى بلا رتوش بلا ماكياج. انا فقط من يرى شكلها الحقيقى. واظل اتأملها وهى ترحب بذلك. احيانا تشعر بالفخر واحيانا تسبنى.
افضل اوقاتها وهى ترى انعكاس وجهها على وجهى، قد نقضى وقتا طويلا على هذا الحال ولكن للأسف ما ان ترى احد اصدقائها يقترب حتى تخفينى وكأننى لم أكن منذ دقائق صديقتها الحميمة.
هى دائما فى عيونى مختلفة عن عيون الآخرين فانا من يرى عن قرب، احيانا تسمح لى بالاقتراب منها جدا وتصغر المسافة بيننا لبضعة سنتيمترات واحيانا تبعدنى عنها قليلا. عندما اقترب منها يلفحنى زفيرها هكذا انا قريبة منها.
تعتذر بابتسامة وتمرر اصبعها على وجهى لتمسح البخار.
أحيانا تجعلنى أتلصص لها على آخرين، حيث ترفعنى قليلا وتميل بى فى اتجاه من تريدنى ان اخبرها عنه. ودائما انجح فى اخبارها الكثير والكثير من الاسرار التى تحدث خلفها.
لا يعترض على علاقتنا احد سوى خطيبها الذى يغير منى ويرى انها تقضى معى وقتا اطول مما تقضى معه ولكنه مخطىء فهى دائما تتحدث معى عنه ولكنى لن ابوح ابدا بما قالت لى عنه.
أمس فى السوق لفت انتباهها اخرى لها اطار ملون، وكادت تشتريها ولكنها لم تفعل. فحقيبتها لن تسعنا نحن الاثنين اما انا او الجديدة. دائما تحمل حقائب صغيرة من حسن حظى.
منذ ان رأت الاخرى وهى تنظر لى بإشمئزاز ولا تتحدث معى طويلا كما كانت، هل يا ترى ترى دموعى؟
لماذا يا صديقتى تتركينى؟ ألم اكن معكِ دائما؟ ألم أكن صريحة معكِ دائما؟ هل خدعتك يوما؟ هل بحت بأسرارك ابدا؟ هل اخبرت احدا عن الحبوب التى بجانب حاجبك الايمن التى تحاولى دائما اخفائها؟ ألم اساعدك فى اخفائها؟ ألم اخبرك عما تفعله صديقاتك من خلفك؟ لماذا كرهتينى الآن عندما رأيتى الجديدة ذات الاطار الملون؟
أنا ايضا أكرهك الآن. وأكره وجهك وحبوبك. وأكره حقيبتك التى تدفنينى فيها وتغطينى بمناديلك المتسخة. اطارى كان جديدا لو تذكرى ولكنكِ كسرتيه عندما ادخلتينى عنوة فى حقيبتك وألقيتى فوقى بمحمولك. هذا الفاشل الذى يحتل كل الحقيبة.
أتظنى انى سعيدة بكِ؟ كلا. أريد ان اكون صديقة لوجه اخر. لا يستعطفنى حتى أكذب عليه وادعى جماله. نعم تلك هى الحقيقة فلستِ جميلة بالمرة. أنتِ قبيحة وأقبح ما فيكِ روحك التى تفيض على وجهك بتلك التكشيرة.
أنتِ ومساحيقك الرخيصة لوثتم وجهى اللامع. اصابعك تترك آثارها علىّ ولا تزول بسهولة. أتذكريننى عندما رأيتك اول مرة؟ كنت اجمل من الآن والمع. كنت اعكس ضوء الشمس على وجهك فيحرقك سخونته.
أظننتى انى سأظل بنفس البريق للأبد وهل مازالتِ أنتِ بنفس الوجه؟ كلا يا صديقتى لقد تغيرتِ انتِ ايضا. اختلف وجهك وامتلأ بما تكرهين: الهالات السوداء التى خلفتها عاداتك السيئة فى السهر، الحبوب التى أخبرتك مرارا عنها من قبل ولم تنصتى الى واكتفتى بتغطيتها بكريم اساس رخيص.
لو فقط نطقت بما أعرفه عنكِ ما حدثك أحد ابدا ولكنى للأسف لا استطيع. لذا فقد قررت ان اتركك. انا التى اقرر الرحيل. لن انتظر حتى تأتينى بأخرى تزاحمنى فى حقيبتك المكدسة اصلا. ساقفز واهرب من بصمات اصابعك .. من نفسك الذى يعمينى كلما اقتربت منكِ .. من وجهك الذى مللته.
- أووه ... يالغبائى أسقطت المرآة من يدى.
انحنت تلملم الأجزاء المنثورة فجرحت اصبعها فقالت غاضبة: آهههه .. حسنأ لقد كانت مرآة سيئة جدا .. سأشترى أخرى احلى بإطار ملون.

Wednesday, April 14, 2010

ظهر العملة

كلما فتحت اى جريدة وجدت صورته، حتى البرامج الفضائية كلها تتحدث عنه وكأن العالم كله لم يكن قبل وجوده. شىء غريب. كيف لانسان ان يكون بتلك الشهرة. ليس برئيس للجمهورية او احد الوزراء مجرد شخص يعمل فى العمل العام.
بالتحديد لا اعلم ماذا يعمل؟ ماهى مهنته؟
كل ما فى الامر انه موجود فى كل المؤتمرات والندوات واللقاءات التى تخص السياسة والبيئة وحتى جمعيات حقوق الانسان.
يبدو وكأنه احتكر جزءا كبيرا من الفضاء المحيط بنا لحسابه فحتى حوائط الشوارع عليها صورته.
يرى الجميع انه انسب لمواقع كثيرة.
كنت مثلهم جميعا مقتنعة بشخصيته. كلما رأيته على سلم العمارة خارجا او داخلا منها كانت تفوح منه رائحة عطر رجالى رائع. حتى لو فى اخر اليوم وكأن زجاجة العطر فى جيبه يرش منها كل 10 دقائق.
دائما يختار ربطة عنق من اجمل ما يمكن تتناسب بشكل غريب مع قميصه. اعجب دائما بربطات العنق التى لها اشكال جديدة. هناك دائما دبوس معلق على عروة الجاكتة يلمع يختلف من مناسبة لمناسبة.
عم سعيد البواب ينتفض واقفا ما ان يرى سيارته ندخل اول الشارع ويبدو لك كأنه يراقب مشهد جلل حيث تظهر على وجهه انفعالات مختلفة متناقضة احيانا يصارع حتى يخفيها ما بين كره لاحتقار لسعادة بالبقشيش الكبير.
يحمل عم سعيد الاكياس التى تملأ حقيبة السيارة يوميا التى عادة ما تكون طعام يكفى قبيلة ويصعد للشقة واحيانا ينزل حاملا احد الاكياس كهدية ولكنه ما ان يستقر مرة أخرى على كرسيه امام العمارة حتى يبدأ فى البصق والغمغمة وكأنه كان فى مشادة مع احد الباعة الجائلين.
حتى فتحى سائس الجراج دائما ما يقول "استرها ياللى بتستر" كلما مر من امامه.
لا نتقابل كثيرا فمواعيدى تختلف عن جدوله الحافل لكن فى المرات القليلة التى اقابله على السلم امام الاسانسير يبدو متالقا دائما بابتسامة عريضة جنتلمان يفتح لى باب الاسانسير يتحدث فى هدوء ورزانة "تحياتى للوالد".
اسبوعيا يستضيفه برنامج على احدى الفضائيات ورويدا رويدا اصبح من مقدمى البرنامج نفسه ثم مقدم لعدة برامج
واخيرا انشأ قناة سماها "قناة الوطن".
وعلى هذا فنشاطاته المختلفة لم تتوقف ما بين ندوات ولقاءات وحوارات جماهيرى
مازلت اجهل وظيفته الاساسية او عمله الذى يرتزق منه فلا يمكن ان يكون العمل العام مربحا هكذا – او هكذا تصورت- وسألت كثيرا فلم اجد اجابة تشبه الاخرى.
عم سعيد يقول رجل اعمال اما فتحى فيقول محام لكن ابى يرى انه نصاب. كلما تكلم يردد "انا فى خدمة الناس"
اخر يوم رايته يوم الخميس موعد برنامجه الاسبوعى. يبدو ان سلك الدش قد انقطع لسبب ما النازل من سطح العمارة لشقته ففتح باب شقته ونادى عم سعيد وطلب منه ان يصعد ليرى سبب المشكلة.
عم سعيد لم يستطع فى الظلام رؤية مكان القطع وعندما اخبره رد زاعقا: انت شغلتك هنا يا حيوان خدمة السكان يعنى لما اقولك تتنيل تصلح السلك تصلحه ...........
عم سعيد لسبب ما لم يحاول تعطيل الموقف اكثر من ذلك باستدعاء متخصص وانما صعد مرة اخرى ليرى سبب المشكلة وكان هو من شباك شقته ينادى عم سعيد وينعته بالاهمال والخرف. كل العمارة كانوا يسمعون ولكن لم يحاول احد فهم تفاصيل الموقف فقد بدا موقف عادى ساكن يتشاجر مع بواب.
وفى وسط ضوضاء قذائف سبابه لعم سعيد دوى صوت ارتطام ضخم.
سقط عم سعيد من على السطح جثة هامدة.
اعطى ارملته الف جنية وترك العمارة فى الفجر.
وفى الخميس الذى يليه كان فى برنامجه يقول: "انا فى خدمة الناس"