Rania Joseph
عبثا باقول واقرا في سورة عبس ماتلومش حد إن ابتسم أو عبس فيه ناس تقول الهزل يطلع جــــد و ناس تقول الجد يطلع عبـــــث عجبي ! صلاح جاهين
Tuesday, May 3, 2011
مسح الكربون
Monday, May 2, 2011
صور القطار
Monday, March 21, 2011
ميكانو
احضرها الأب معه وهو عائد فى اجازة من عمله بالخارج: احضرت لك لعبة المهندسين كما طلبت.
اخذها الفتى وذهب لغرفته واغلق الباب
لمس الغلاف الشفاف باصابعه. قرأ كل حرف مكتوب على العلبة وامسك بها طويلا ليحتفظ بصورتها فى ذاكرته قبل ان يفتحها.
ازال الغلاف الشفاف وفتح العلبة برفق وكأنها علبة من زجاج. تلألأت عيناه بمحتوى العلبة. اخرج الفل الابيض الذى يحمل القطع ومسح بعينيه محتويات العلبة. مسامير مفكات وقطع بلاستيكية ملونة مخرمة وكتالوج.
مسح اصابعه فى ملابسه قبل ان يلمس الكتالوج. فتح صفحاته بهدوء وقلب بها حتى وصل لجزء الانجليزية. قرأه عدة مرات قبل ان يقرر الاقتراب من المفك الصغير الاحمر.
تصفح الكتالوج .. صفحة السيارة ثم الطائرة ثم المركب .. نظر للصور بإمعان: هناك أجزاء كبيرة وكثيرة وتركيبها معقد.
قطع اللعبة مرصوصة فى علبة الفل الأبيض المقسم لفراغات مربعة ومستطيلة: المسامير .. الاجزاء البلاستيكية المخرمة .. واسفلهم كان يرقد المحرك الزنبلك.
قرر البدء بالطائرة وفتح الصفحة الخاصة بها، قرأها 5 مرات وذاكر كل تفاصسل الصورة وبدأ فى التركيب. استغرقته لساعات .. لم يلحظ ان الجميع نام. وفى الصباح كان ممسكا بجسم الطائرة وبقى له تركيب جزء الذيل.
حاول تركيب الذيل عدة مرات وفشل .. غضب والقى الطائرة على الارض فانكسر الزنبلك: لعبة غبية!!!
ترك العلبة المنثورة الاحشاء على الارض وخرج من الغرفة.
بعد عشرين عاما:
فى نهاية يوم عمل طويل فى المول الذى يحرسه ذهب الى منزله مع ابنه الصغير ليجمع ما تبقى من اشيائه. وجد العلبة. فتحها. كانت المسامير صدئة والقطع البلاستيكية معوجة لكن جسم الطائرة كان متماسكا.
سأله ابنه: ماهذا؟
فرد: طائرة كنت احاول ان اصنعها وفشلت. وسالت دمعة ساخنة على اصبعه الذى يتحسس مكان الذيل.
Monday, February 28, 2011
شلال المياة
Thursday, July 8, 2010
100 زهرة لا تذبل
Monday, June 14, 2010
محاولة حب
كل ما فيك يدعو للحياة. وأنا أقاوم حتى لا أغرق.
هل سترانى عندما تصل للشاطىء الأخر؟ ستظل ممسكا بيدى؟ ام ستفلت يدى عند أول موجة حزن
أحب حياتك أحب كلامك وأعشق عينيك
أرى صورتى كشخص لطيف بثغر باسم
اشك فى صورتى وارتعب منها
كيف ترانى أفضل من نفسى؟
بعينيك اشعة تخترقنى. تنفذ لداخل قلبى وتقرأ كل رعشة به قبل ان تصل لأناملى
هل أنت حقيقة أم حلم؟
ستبحر غدا؟ ولكن مركبتك تتسع لقلبى ايضا
هل ستحمله معك؟
مركبتى صغيرة وثقوبها كبيرة
سأتركها سأهجرها بل سأحرقها لأكون معك
سأقف أشاهد اللهب يعلو وأنت تحتضن يدى
لن أجزع عندما أرى جزء منى يحترق يشتعل فستكون أنت معى تحفظ الباقى
كلما مر اسمك على لسانى شعرت بنشوة
اسمك يستدعى الحياة بداخلى
أرى زهور تتفتح فى لحظة وعصافير تتعلم الطيران لأول مرة
فقط عندما يمر اسمك على لسانى
قلبى ينمو من جديد. كان ينقصه بعض الحديد للدعامات
نعم أضحك الآن
فقلبى امتلأ بوهج لا يلسع
هل تعلم اننى لا اعرف ماذا أصابنى؟
لا استطيع توصيفه ولكنى أحب نفسى الآن
معك أرانى شخص لطيف بثغر باسم
هل ستبحر غدا؟ هل سنبحر غدا؟
لا أجد لنفسى مكانا بعد ان أحرقت مركبتى
بداخلك مكانى ومسكنى
لست عملاقا أعلم ولكنى أرفع رأسى لأرى نهاية حلمك
أبحث عن اسمى ولا أجده
حلمك أكبر منى
وأنا أخشى الغرق
ستظل ممسكا بيدى أليس كذلك؟
أستطيع العوم ولكن أمواج بحرك أعلى من يدى
كلما تذكرت نفسى قبلك بكيت
وكلما تخيلت نفسى بدونك أبكى
لا يوجد فى قلبى اسما غيرك
تعلم هذا طبعا؟
كان فى مركبتى صورة لك ولكنى أحرقتها
فضلت يدك على ورقة ملونة
ستظل ممسكا بيدى اليس كذلك؟
Thursday, May 27, 2010
الفستان الأحمر
كل مرة أحاول ان اجعل من يدى طوق ليمنعها من الطيران وتظل لفترة أطول ولكنى أتراجع. أخاف ان تجزع من قبضتى فلا ترجع.
مع الأيام ثقل رأسها وطالت أحاديثها. وكالعادة عندما تنتهى ترجع لغرفتها وتغرق فى عالمها.
اليوم أتت الىّ ولكنها جلست بعيدا. على الطرف الأخر للكنبة ولا تنظر لى مباشرةً
- ماما كنت عايزة أكلمك فى موضوع
صوتها مختلف .. منخفض .. متردد. كانت ترتدى تلك البلوزة التى أكرهها. أصبحت تشترى ملابسها بدونى. تخرج مع صديقاتها وتعود بأكياس متنوعة وهى سعيدة وأنا أفزع من الألوان والموديلات التى أصبحت تفضلها.
- فاكرة أنا كنت حكيتلك عن واحد معانا فى الكلية أكبر منى بسنتين. فاكرة قلتلك انه كان عاجبنى قوى.
فى الحضانة كان لها اصدقاء كثيرون. أول يوم ذهبت للحضانة كانت تبكى. ظلت تبكى عدة أيام كلما ذهبت للحضانة. كانت تمسك بيدى ولا تفلتها أبدا مهما حاولت. كنت أعدها بحلويات او فسح وأحيانا كنت اعنفها الا انها ظلت ممسكة بيدى ولم تتركها الا بعد ان عرفتها على فتاتين معها فى الفصل. تركت يدى وذهبت لتلعب معهن.
كانت متعتى كل يوم ان اصلها للمدرسة وارى كيف تستقبلها صديقاتها. وأشعر بالفخر ان ابنتى نجمة وسط قريناتها.
- احنا بقالنا مدة بنتكلم مع بعض و ... كلام عادى يعنى و... وكنت حاسة انه مختلف عن كل الولاد التانيين
فى عيد ميلادها العاشر اشتريت لها فستانا أحمرا كان جميلا. ظلت ترتديه لمدة يومين ورفضت ان تخلعه. عندما صغر عليها حزنت وطلبت فستانا غيره أكبر. كل سنة فى عيد ميلادها اشترى لها فستانا جديدا حتى اصبحت ترفض ارتداء الفساتين وتفضل البلوزات والبنطلونات. ولكنى لم أنسى شكلها ابدا فى ذلك الفستان. كانت جميلة. وكانت ضفائرها الى منتصف ظهرها. بشرائط حمراء.
- هو حكالى كل حاجة عن نفسه .... وانا كمان ... يعنى استريحنا لبعض قوى
تشبهنى لحد كبير وترفض الاعتراف بذلك. نسخة أجمل وأحدث منى. نسخة صغيرة أذكى. تضع ساقها اليمنى تحتها عندما تجلس على الكنبة مثلى. تبلل البسكوتة فى الشاى قبل ان تأكلها مثلى. حتى شكل أصابعها متطابق مع أصابعى. ومع ذلك تستنكر أى شبه. وكأنها ابنة لإمرأة أخرى.
- النهاردة يا ماما فاتحنى بصراحة وقال لى انه بيحبنى وعايز يتجوزنى. هو طبعا مش حيقدر يعمل اى حاجة غير بعد 3 شهور بعد التخرج يعنى
عندما تتكلم لا اسمع غيرها ولا أرى غيرها
- هو عايز ييجى يتكلم مع بابا وكده ... على فكرة ظروفه المادية كويسة وحنقدر نبتدى حياتنا علطول
أتعجب عندما تجلس بجوارى لتملأ النصف الأخر من الكنبة كيف كبرت ومتى. أتذكرها رضيعة أحملها بين يدى. كلما رضعتها كانت تبتسم بعد ان تشبع وكأنها تشكرنى. تلك الابتسامة كانت تأسرنى. ويطير عقلى معها
- حتقولى لبابا امتى؟
يدللها أبيها ولا يرفض لها طلبا. يهمس لى كل فترة "تفتكرى حنعمل ايه لما تتجوز وتسيبنا؟"
- هه يا ماما .. حتقولى لبابا امتى؟
- أقوله على ايه؟
- على العريس
- عريس !!!! عريس ايه؟؟؟؟؟؟؟؟
Monday, May 3, 2010
كراكيب
- غدا يوم عمل لابد ان انام ... يارب
كان عادل غارقا فى نومه.
- يا بختك .. اعجب من قدرتك على النوم بسرعة
وضعت رأسها على الوسادة واغلقت عينيها وحاولت ان تنام. لكن صوت المنبه وصوت نفس عادل اصبحا فجأة كآلات حفر ضخمة تملأ هدوء الليل ضجيجا. لفت جسدها لتواجه جسده ولكنها لم ترى وجهه بل ظهره. عجبت كيف اصبح ظهره مقوسا هكذا. وضعت كفها على ظهره واغلقت عينيها ربما تنام. ولكنها لم تنم.
الوقت يمر وتزداد اضطرابا. بدأت تنظر حولها فى الغرفة فرغم الظلام الا ان عينيها الفته وكانت ترى الغرفة جيدا.
- ما تلك الاكياس التى فوق الدولاب؟ اه لقد نسيت انها الاوعية القديمة
مسحت الغرفة بعينيها وفى كل ركن وجدت انها اضافت جزءا جديدا لم يكن موجودا قبلا، اكياس فوق الدولاب وعلب تحت السرير. كرسى من السفرة بجوار الدولاب. شعرت بضيق وقرف فتلك الغرفة لم تكن هكذا عندما تزوجت منذ ربع قرن.
الغد كان عيد جوازهما ولكن كالعادة لم يعودا يحتفلا بتلك المناسبة.
بدأ عادل فى الحركة ولف بجسده واصبح يواجهها ولكنه كان مستغرقا فى نوم عميق. نظرت اليه واستغربت: من هذا الرجل الذى يرقد بجوارى؟
عندما رأته لأول مرة كان فى الجامعة عندما عرفها عليه اخوها الاكبر وزميله. لم يلفت انتباهها ولكنه انبهر بها فبدأ يتردد على القسم التى تدرس فيه يوميا. مع الوقت كانت تكتشفه اكثر فاكثر وتعجب به دون ان تصرح. وبعد ان ظهرت النتيجة ذهب اليها وقال لها بدون اى مقدمات: تتجوزينى. وأومأت موافقة فى لحظتها لم تتردد او تفكر. كان قرارها جاهزا فى اعماقها منتظرا فرصة لاعلانه.
الآن اختلف شكله كثيرا. بدا كرشه وهو نائم وكأنه شوال يضعه بينهما تراه يصعد ويهبط مع نفسه. حتى شعره بدأ يتساقط .
لفت بجسدها للجهة الأخرى واصبح ظهرها يواجه وجهه. مازالت لا تستطيع النوم. مدت يدها لترى الموبايل لتعرف الوقت ولكن يدها لمست شىء اخر .. الساعة .. اخذتها وتحسستها.
تلك الساعة التى اشتراها لها عادل يوم ان قبض اول مرتب. تهرأ اُستيكها كثيرا واستبدلته عدة مرات على مدار السنين ولكنها ابدا لم تستطع الاستغناء عن تلك الساعة. لم تعد تليق بها الآن بشكلها المهترىء ولكنها دائما موجودة على الكومدينو بجوارها.
ابتسمت لذكرى الساعة ولثمتها ووضعتها على الكومدينو مرة اخرى. وامسكت بالموبايل.
- ياااااااااااااه الرابعة. سأصاب بالصداع طوال الغد ان لم انم الآن
اعادت الموبايل وفى تلك اللحظة مرت سيارة بالشارع. نور مصابيحها مر من الشيش كخيوط بيضاء تتخلل العتمة تجرى على السقف وتنزل على الحائط . اعتدلت على السرير ومرت الخيوط البيضاء على وجهها وعلى الصورة بجوارها.
فى وسط ظلام الليل كانت الخيوط البيضاء تنير صورة تامر ومريم. عاد الظلام يفرض سيطرته مرة اخرى. امسكت الصورة ونظرت فيها ولكنها لم ترى شيئا. بقلبها كانت تذكرهما يولدان .. يحبيان .. يكبران .. ظهور السنة الاولى لكليهما .. يتضحاكان .. اول يوم فى الحضانة .. يتصارعان على الحلوى .. ينتقلا من مرحلة لمرحلة .. نتيجة الثانوية العامة .. اول يوم فى الكلية.
احتضنت الصورة ودارت لتواجه عادل. كانت هناك دمعة فى عينيها. لم تكن حزينة او تعيسة. الذكريات هزت بداخلها ذلك الركن المظلم من وجدانها. عندما توقفت عن الاستمتاع بالحياة. وحزمت كل ذكرياتها السعيدة فى حقائب سفر وخزنتها خلف القلب حيث لا حركة ولا شعور. مررت اصابعها فى شعره وهو نائم. وبدا لها يبتسم. تذكرت لحظاتهما معا. كم كانت سعيدة. ليلة زفافهما .. اول عيد زواج عندما فاجأها برحلة الى الاسكندرية .. يوم علمت انها حامل لأول مرة وكان عادل يرقص كالأطفال منتشيا..
لا تذكر لعادل ان كان يوما قاسيا اوبخيلا معها لكن مع الوقت بدأت تلك الشعلة التى كانت تتوهج داخلها تنطفىء. لم تحاول ان تعرف السبب واقتنعت بالتفسير التقليدى ان الزواج اساسه العشرة وليس الحب. الآن توقفا عن الكلام. كل شىء فى حياتهما اصبح مبرمج منذ سنوات. ميعاد الاستيقاظ .. الطعام .. شراء لوازم البيت .. زيارات الاقارب فى الاعياد. وكأن الحياة سقطت فى دوامة تتكرر كل يوم بلا جديد.
أصبحت الخامسة واستحال النوم تماما.
بدأ بعض النور ينتصر على ظلمة الليل، اعادت الصورة مكانها واستلقت على ظهرها وظلت تحارب ذلك الأرق الذى يحاصرها بالذكريات ولم تفلح. وأخيرا غمر ضوء الشمس الغرفة.
فى نور النهار بدت الغرفة اقبح. اغلب اثاث الغرفة اختفى خلف الزوائد الدودية التى اضيفت على مر السنين: ملابس اكياس صور علب. بدت لها الغرفة وكأنها وحش ينتهك كل مواطن الجمال فيها. لم يخيفها بقدر ما أصابها بالاشمئزاز.
- كراكيب
صرخ عقلها بهذا الوصف. امتلأت حياتها بالكراكيب وتسللت لعواطفها وانتهى الأمر بتغطية كل ما هو رائع وممتع وبراق بالتراب. بتراب الكراكيب. مدت يدها لرقبتها تتحسسها هل هناك من يخنقها بالفعل ام هى تخاريف قلة نوم. شعرت بالذنب لأنها أهملت غرفتها. لم تعد تعتنى بها كما كانت تفعل قبلا. وفجأة ملأ انفها رائحة مميزة تعرفها من على بعد. رائحة عادل. أمالت رقبتها نحوه ونظرت له طويلا واعادت السؤال: من هذا الرجل؟
كيف سمح هو ايضا للكراكيب بان تغزو غرفتهما؟ لماذا لم يمنع الكراكيب؟ هل عليها الآن ان تنظف الغرفة وحدها؟ هل سيفهمها عندما تحكى له عن الكراكيب؟
رن منبه موبايل عادل فى تمام السادسة مثل كل يوم وبحركة آلية فتح عينيه ثم تثائب. نظر اليها فوجدها مستيقظة وبدا على وجهها انها لم تنم.
- كل سنة وانتِ طيبة
- ما رأيك ان لا نذهب للعمل اليوم؟
نظر اليها طويلا دون ان ينطق محاولا ان يفهم ما لا تقوله بذلك الطلب. وقبل ان يرد وضعت رأسها على صدره واحاطت بيمينها جسده وأغلقت عينيها ونامت.
ابتسم عادل واحاطها بيمينه. امسك موبايله وارسل رسالة لزميل له: اعمل لى عارضة . ظرف طارىء.
Sunday, May 2, 2010
حيرة صديقتى
- سالت صديقتى: لماذا؟
- قالت: لأنه الحب
- سألتها: والنهاية؟
- قالت: لا أعلم
- صديقتى لا يمكنك الاستمرار فى تلك العلاقة
- قالت: أعلم
- صديقتى وراءك ماضيك زوج وطفل
- قالت: أعلم. ولا يسعنى سوى الإستمرار
- قلت: هل بسبب الغضب ... الهجر
- قالت: لا بسبب الحب
- قلت: ولكن ...
- قالت: كفى. فالكل يعلم خدعتى عن زوج محب وبيت سعيد ولم يعلم أحد بنكبتى بقصتى
- أى نكبة صديقتى؟
- نكبة زوجى وبيتى: زوج بعيد يعشق التجديد، فى كل مرة يزداد ابتعادا وازداد أنا نفورا. بيتى هو سجنى اشترانى فيه زوجى ومللت السجن.
- أستهربين صديقتى؟
- كلا سابقى فى السجن مقيدة ـقصد بالبيت متزوجة. لن أهرب لى طفل هناك أحبه.
- والآخر صديقتى؟
- سيبعد عنى قريبا. أعلم القدر. ايام مضيئة فى عتمة الزمن. سابعد أنا ايضا الى اين لا أدرى؟
- لماذا صديقتى؟
- لأنى هنا متزوجة أم منجبة لى طفل لى سجن لا استطيع الفكاك منه. سيسجنى الناس فى سجن الحرام اذا ...
- لكن صديقتى كيف تكونين مع رجل بقلب لآخر؟
- لأنه ليس معى زوجى بجانبى ولكن بيس معى. معى ذكريات الآخر الذى ...
- ماذا صديقتى؟
- الذى رفعنى فوق نفسه ولم يبعد عنى ولو للحظة احاطنى وضمنى وأخبرنى بما فى قلبه وقبل ان أخبره تركنى
- تركك صديقتى!؟
- نعم فهو نبيل لم يرد انفصالى عن سجنى أقصد زوجى. أخبرنى بما فى قلبه وهذا حقه وحقى وتركنى لأنه يعلم استحالة الإستمرار.
- لماذا لم تهربى معه صديقتى؟
- قلت لكِ سيسجننى الناس فى سجن الحرام ولأن لى طفل هناك أحبه
- ولكن صديقتى هذا عذاب!
- وأى عذاب لوتدرين. من أحبنى تركنى لمن لا يحبنى ومن لا يحبنى لا يهتم. لو لى حرية الاختيار ...
- كل منا حر صديقتى؟
- كلا فالسجين حر ان ينام فى اى ركن من الزنزانة هذه حريتى. لو كانت لى حريتى لكنت تركته وأخذت ابنى وهجرته.
- إلى أين صديقتى؟
- لا أعلم
- سألت صديقتى: لماذا؟
- قالت: لأنه الحب
- سألتها: والنهاية؟
- قالت: لا أعلم
- صديقتى لا يمكنك الإستمرار فى تلك العلاقة
- قالت: أعلم
- صديقتى وراءك ماضيك زوج وطفل
- قالت: اعلم .. ولا يسعنى سوى الإستمرار
13/11/97
الموت قريب
ولكن لم تجدِ الراحة تفعا ظلت الآلام تراودها وتزداد أكثر فأكثر. فقال الطبيب: التحاليل ستظهر كل شىء.
وبالفعل اظهرت التحاليل سبب وموعد الموت المقترب.
المفاجاة أكبر من أن تتحملها وحدها ولكن لابد من ذلك فالجميع فى حالة كآبة من مشاكل الدنيا. لا أحد يريد أن يسمع أو يعرف لا أحد يسال عن آلامها.
الموت قريب قريب انتظريه فى أى لحظة. تلك كلمات الطبيب القاسية. تلك الفتاة الشابة التى بدأت للتو فى النظر للحياة من خارج أسوار المدرسة. بدأت ترتب أحلامها وتضع فارس الأحلام فى أول خانة فى قائمة الأحلام.
لكن للأسف فكل هذا سيُلغى. الوقت قليل على ان يُبعثر على أحلام لن تتحقق.
وضعت قائمة أخرى وهى قائمة أفعال اللحظات الأخيرة. جلست مسترخية على السرير تتذكر كل شخص قابلته فى حياتها: هل هناك خلاف أو شىء مازال معلق بينهما أم لا؟
جاءتها فرصة ان تتصالح مع الجميع ونفسها أولا. ندمت على كل لحظة مرت عليها وهى تكره او تغضب. شعرت بقيمة تلك اللحظات المُهدرة.
وأخيرا وجدت شوقا شديدا لرؤية صديقتها القديمة التى لم تعد تراها كثيرا الآن. كان لديها شوقا لتجلس معها فى آخر جلسة صداقة بين فتاتين مجردتين من كل احباطات الحياة ومشاكلها وأعبائها. حدثتها فى التليفون لأول مرة منذ فترة وطلبت منها موعد للقاء وكالعادة كان العذر الأساسى الإنشغال فى أمور الدنيا والحياة والزواج. ولكن مع إصرارها شعرت صديقتها بأن شيئا غامضا يدور لا تفهم كنهه سيحدث.
وكان اللقاء حاولت كثيرا ولكنها لم تستطع أن تخفى على صديقتها خبر الموت. فموهبة صديقتها فى قراءة أفكارها بجانب ضعفها أمامها جعلا الإنهيار والبوح بكل شىء هو النتيجة الحتمية.
سمعت صديقتها منها كل التفاصيل وسكتت. لفترة لم تنطق وهى فى حالة ذهول وأخيرا بكت. نزلت دمعة من عينيها. فهذا ما تساويه مجرد دمعة. بدأت الدموع تنساب من عينيها هى ايضا فلقد بدات تواجه نفسها بحقيقة مستقبلها المنتهى قبل ان يبدأ. حقيقة الموت القريب.
تركت صديقتها وذهبت لتمشى وحدها تفكر فى الخطوة التالية، لم تجد شيئا تفعله. فكل ما كان من اهتماماتها اصبح بلا معنى أو هدف لا جدوى منه الآن فأى من هذا لن ينتقل معها لبعد الموت. وهكذا أهملت اشياءً كثيرة لم تكن تتصور الاستغناء عنها. حتى الناس ابتعدت عنهم جميعا وان ظلت معهم.
كل انسان عزيز على قلبها أخذته فى خلوة وداع دون أن تخبره بشىء. وشعر الجميع بشىء غامض فى افعالها.
كل الصديقات والأصدقاء والأقارب لم يفهموا سر طلبها الملح للقائهم بالتتابع وسر سؤالها المستمر: هل فعلت شيئا يغضبك؟
لماذا كل هذه اللقاءات وكأنها ستهاجر بلا رجعة أو تموت. هذا كلامهم وهم يضحكون ولو يدرون لبكوا.
وبعد كل ذلك تفرغت لشىء مهم اخر لم تكن منتظمة فى أدائه: الصلاة.
بدات مع الله من جديد كأنها طفلة صغيرة تتعرف على الله لأول مرة. ولم يكن ذلك خوفا من الموت وان كان هذا سبب اتجاهها للصلاة فى البداية ولكن كان ذلك لعلمها بأن الصلاة الشىء الوحيد الذى سينتقل معها بعد الموت.
فى أحيان كثيرة كانت تجلس لتتذكر حياتها وتشعر بالندم أحيانا على ضياعها لبعض الفرص أو لموتها قبل أن تفعل أو تحقق بعض الأحلام.
ومع اقتراب الموت تلاشى كل ذلك. كل الأشياء اصبحت عدم. الا شيئا واحدا كانت تحلم به حتى الموت: الحب. كانت تحلم بالحب الذى لم تذقه ابدا. كانت تحلم بذلك الرجل الذى لو كان موجودا لشاركها كل هذا الألم.
ولكن فى لحظة عطف على هذا الرجل المجهول حمدت الله انه لو يوجد بعد والا كانت ستتركه حطاما تدفعه الدنيا فى بحر الحياة. فالحب الذى فى مخيلتها لن يسمح بأى شعرة من هذا الرجل تتحرر منه فحبها صعب الفكاك منه لأنه قوى جدا.
ومرت أيام وأسابيع وشهور قليلة وجاء المنتظر. جاء الموت وشعرت بقرب قدومه وعندها أخبرت الجميع وتركتهم ينوحون عليها وهى لا تزال تشعر بنبض قلبها.
واقترب أكثر فأكثر وأخيرا رأته أمامها. رأت الموت شابا يقترب يأخذها من يدها لتذهب معه.
وذهبت دون رجعة
واختفت كل الأحلام والخطط
وتلاشى كل صوت للنواح كان يحاوطها
وابتعد كل شىء ملموس
وسبحت فى الفضاء خلف هذا الشاب
بلا نهاية
4/11/2000